مسألة: اختلف العلماء رحمهم الله تعالى هل الحوض قبل الصراط أم الصراط قبل الحوض؟ فالذين قالوا: إن الحوض قبل الصراط، قالوا: إن الناس يخرجون من قبورهم، ويقفون في الموقف العظيم في يومٍ كان مقداره خمسين ألف سنة، والله ذكر عن حالهم من نزول العرق والشدة التي تصيبهم، فيظمئون، فيحتاجون بعد هذا التعب إلى أن يشربوا من الحوض.
والقول الثاني: أن الحوض بعد الصراط؛ وذلك لأنهم بمرورهم على النار فيظمئون، ولاشك أن الإنسان إذا مر على مناطق حارة احتاج إلى ماء.
وبعض العلماء قال: إنه لا مانع من أن للنبي صلى الله عليه وسلم حوضين لا حوضاً واحداً، ويكون هذا الحوض قبل وبعد، وممن أومأ إليه الحافظ ابن حجر رحمه الله، ولكن قوله غير صحيح؛ لأنه يظهر أنه أجال عقله في أمرٍ غيبي، قال: ظاهر الحديث أن الحوض بجانب الجنة لينصب من ماء الجنة، أي: لا شك أن الحوض من أين يوجد الماء فيه؟ قالوا: إنه يصب فيه ميزابان من الكوثر الذي أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم، والكوثر في الجنة والنتيجة لو كان قبل الصراط لأصبح الميزابان يمران على الصراط وعلى النار ثم يصب من هناك، قال: لا، هو يكون بعد الصراط، ولكن هذا الأمر إجالة للعقل في أمر غيبي، والله قادر على كل شيء، ولا حاجة لأن يستبعد أن الميزابين يمران على النار أو لا يمران، فالله قادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وهذا يعتبر من إجالة العقل في أمرٍ لا يمكن إجالة العقل فيه.
نجد مكان الحوض يكون على وجه الأرض، ويكون في الأرض المبدلة:{يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّمَاوَاتُ}[إبراهيم:٤٨] أي: أنه يكون في الأرض التي قلنا: إنها كالفضة، وهذه نثبتها بناءً على أنها من أحداث يوم القيامة.
ذكر شيخ الإسلام وغيره أن الذين يذادون عن الحوض هم المبدلون لدينهم، وذكروا منهم: الجهمية والخوارج والرافضة، هؤلاء يذادون عن الحوض؛ لأنهم بدلوا دين محمد صلى الله عليه وسلم وما كان عليه، وهؤلاء قد يقال لهم: إنهم ممن يذاد، وقد يدخل فيه الذين ارتدوا بعد النبي صلى الله عليه وسلم ممن أسلم، ثم ترك هذا الدين نعوذ بالله تعالى من هذا.