يجب أن نعلم أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اتفق أهل السنة والجماعة على أنهم عدول، ومقتضى العدالة لهم أنه لا يُتكلم فيهم بموازين الجرح والتعديل التي وجدت عند أئمة الحديث، وهذا مما اتفق عليه أئمة أهل السنة والجماعة على وجه العموم، وأن من نقد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنما ينقدهم لمرضٍ في قلبه وخبث في طويته.
ومن أسباب عدم جعلهم تحت موازين الجرح والتعديل: أن الله سبحانه وتعالى قد عدلهم في كتابه، وأن الرسول صلى الله عليه وسلم زكاهم، بل جعل الرسول صلى الله عليه وسلم لهم السياج المنيع فلا يتعرض لهم أبداً، والله سبحانه وتعالى يقول:{لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا}[الحديد:١٠] وكذلك أثنى الله عليهم في غير ما آية مثل آية {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمْ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً}[الفتح:٢٩] وحصل الثناء عليهم في التوراة والإنجيل، ولهذا وجب على كل مسلم ألا يتطرق إلى قلبه شك في عدالة الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.