عندنا من المسائل المتعلقة بالميزان: الحكمة من قضية الوزن، مع أن الله سبحانه وتعالى مطلع على أعمال العباد وعارف بها، فلماذا إذاً توزن هذه الأعمال مع أن الله سبحانه وتعالى عالم بهذه، ذكر العلماء رحمهم الله تعالى الحكمة فيها، منهم من قال: تعريف العباد بما لهم من الجزاء والأعمال، ولو سئل كل واحد منا الآن: اذكر السيئات التي عملت فقط؟ قد لا نذكر إلا الجرائم العظام فقط، وما عداها من السيئات ننساها، فجيء بالميزان لأجل أن يرى الإنسان ما عمله من بداية تكليفه إلى أن توفي، يراه أمام عينيه، ولهذا جاء في قوله تعالى:{مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِراً وَلا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَداً}[الكهف:٤٩] سبحانه وتعالى، فيُعرِّف الله تعالى عباده بما عملوه من خير أو شر.
ومنهم من قال: لإظهار عدل الله سبحانه وتعالى, وأنه الحكم العدل، وأن الناس لن يظلموا عنده أبداً:{وَإِنْ كَانَ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَى بِنَا حَاسِبِينَ}[الأنبياء:٤٧] أي: أن الله سبحانه وتعالى لن يضيع الإنسان.
ومن العلماء من قال: إن الناس لو دخل هؤلاء الجنة وهؤلاء النار، لقال صاحب الجنة: إني دخلت هذه بما قدمت من الأعمال والدرجات وغيرها، وأنا أستحق بعملي، ولقال العاصي عند ذلك: إني دخلت هذه النار بسبب أني قد أكون ظلمت، وقد أدخلت هذه النار بسبب أعمال لا تستحق، لكن إذا جعلت الموازين، والناس يشاهدون هذا الوزن، ويرون الصغير والكبير يعرض، يطمئن الإنسان بعدها، فمن دخل الجنة -ونسأل الله أن نكون من أهلها- فرح وسعد، ومن دخل النار -نعوذ بالله منها- يكون قد علم أنه إنما دخل ذلك بسبب ما قدمت يداه في هذه الحياة الدنيا.