أولاً: نقول: أي شخص يسألك عن معتقدك فهو لا يخلو عن أحد هؤلاء الأشخاص: الشخص الأول: أن يكون معجباً بما أنت عليه من العقيدة والدين، ويريد أن يأخذ منك هذه العقيدة، ولعل مثالاً على ذلك: لو جلس إنسان مع عالم من العلماء الكبار، ثم بدأ يتكلم في مسائل الاعتقاد، تجد أنك تسأل: ما هي عقيدتك؟ وكأنه جاء بأمرٍ مستند إلى كتاب وسنة، ولعل الإمام ابن تيمية كان من أعجب الناس في عرضه لمسائل الاعتقاد.
ومن الأمثلة على ذلك: ما ثبت في الصحيح أن عمرو بن عبسة رضي الله عنه لما جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عما جاء، فسأله من أنت؟ (قال: أنا نبي، قال: وما نبي؟ قال: أرسلني الله، قال: وبم أرسلك؟) معجباً، وكان يسمع بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يصل إليه، ثم أسلم من لحظته رضي الله عنه وأرضاه.
الشخص الثاني: أن يكون حاقداً ولا يريد ذات العلم، وإنما يريد أن يفرز هذا المعتقد الذي جئت به لقصد أن يرد عليك أو يبطل معتقدك، أو يشي بك عند بعض العلماء ليقوموا برد معتقدك، وهذا قد حصل لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، وكم حصل له من الحاسدين والحاقدين الذين لم يقبلوا منه، وكانوا يسألونه ويستفهمون منه لا للبحث عن الحق لذاته، وإنما كان قصدهم إبطال ما كان عليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى.
وكم عقدت له من المناظرات بين يدي الخليفة، وكانوا يشون به إلى السلطان، وكم حصل له بسبب ذلك من السجن عدة مرات بسبب عقيدته رحمه الله تعالى، وسبحان الله! كان لا يجلس معهم مجلساً يناظرهم فيه إلا وقف موقف المتحدي لهم أن يأتوا بدليل من كتابٍ أو سنة، أو بقول صحابي، أو بقول أحد من سلف الأمة يخالف ما عليه معتقده، ويلقمهم الحجر، ولكن في قلوبهم من الغيظ والحقد عليه مما كان سبباً لسجنه مراراً بل وموته في السجن رحمه الله تعالى.
الشخص الثالث: أن يكون السائل جاهلاً يطلب منك علماً، كما حدث، ليس في قضية العقيدة فقط للنبي صلى الله عليه وسلم مع المسيء في صلاته، قال: يا رسول الله! والله لا أحسن إلا هذه فعلمني، يا رسول الله! دلني، مثلما تأتي إلى بعض الأشخاص فتبين له أو يسألك فيقول: دلني على الخير، دلني على المعتقد الصحيح، دلني على المنهج الذي أسير على ضوئه، فيدل الإنسان.
وربما نقول: قد يكون السائل يقصد منه دلالة المسئول إلى الحق، أنت تسأل ويكون مقصودك أن تدل المسئول إلى الحق، كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع حصين رضي الله عنه، سأله النبي صلى الله عليه وسلم:(كم تعبد؟ قال: أعبد سبعة، ستة في الأرض وواحداً في السماء) ثم دله النبي صلى الله عليه وسلم إلى المعتقد الصحيح صلوات الله وسلامه عليه.