ما دمنا نقول: إفراد الله بالعبادة، فالعبادة في اللغة: هي الذل والخضوع، يقال: طريق معبد أي: مذلل وطئته الأقدام.
وتعريفها في الشرع: اسم جامع لكل ما يحبه الله ويرضاه من الأقوال والأفعال الظاهرة والباطنة.
والأقوال الظاهرة مثل: قراءة القرآن، الذكر، التلبية.
الأقوال الباطنة مثل: أول ما يرد على القلب من قضية التصديق يسمى قول القلب.
والأعمال الظاهرة، مثل: الركوع والسجود والصيام والحج، والجهاد في سبيل الله.
والأعمال الباطنة: مثلما يحدث للإنسان بعد قضية الورود من التمكن، ومن الأمثلة على ذلك: أنت إذ ترى شخصاً معيناً، تجد منذ أن تنظر إليه تشعر أن قلبك يميل إليه لخلقه وما عرف شيئاً من خلقه، لكنك وجدت رابطة بينك وبينه، قالوا: هذا أول وارد يرد على القلب، والنتيجة بعد أن تعرفت على هذا الشخص، ورأيت أخلاقه وأدبه وتضحيته وتفانيه وعبادته وصلاحه وطلبه للعلم، تجد أن قلبك يتفاعل.
ولعل من الأمثلة البسيطة على قضية قول القلب وعمل القلب: نحن جلوس هنا، وسمعنا صوتاً مفزعاً، كأن يكون إطلاق نار مثلاً، ونحن جلوس ورد على القلب شيء، كل شخص ينظر إلى الباب، هل يدخل أحد أم لا يدخل؟ لكن بعد قليل دخل شخص مسرعاً، قال: انتبهوا ورائي الآن شخص يلاحقني، ماذا تكون النتيجة؟ القلب يصبح على نفس الكلام الأول أم يزداد تفاعله؟ يوجد تفاعل كبير جداً، يصبح القلب يخفق وكل واحد ينظر باب نافذة لكي يفك نفسه مخافة أن يصاب بسوء، قالوا: فهذا العمل وهذه الحركة تسمى عمل القلب.
ويدخل في قضية العبادة حب الله ورسوله، ورجاء رحمة الله تعالى والخوف من عذابه، والتوكل عليه وغير ذلك، تدخل هذه كلها وتسمى من الأعمال الباطنة، والعبادة لا شك أنها هي الغاية المحبوبة والمحمودة والمرضية التي خلق الناس من أجلها:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦] لا شك أن العبادة من حيث هي أعم من كونها توحيداً عموماً مطلقاً، فكل موحدٍ يكون عابداً لله تعالى، وليس كل عابد لله تعالى يكون موحداً؛ لأن المشرك قد يعبد الله ويعبد غيره، يعبد الله فترة ويعبد غيره، لكن الموحد هو العابد لله حق العبادة.