مسألة: إذا اتهم الصحابة بالصفات الذميمة، وقال: إن أصحاب محمد جبناء، وبخلاء، ووصفهم بصفات النقص بالجملة، قالوا: هذه ردة، ولذلك لما ذكر الله تعالى عن حال المنافقين، لما قالوا: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء، أرغب بطوناً، ولا أجبن عند اللقاء، كأنهم يقولون: إذا جاءت الموائد هم أسرع الناس، وإذا جاءت المعارك هم أجبن الناس، فأنزل الله فيهم:{قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ}[التوبة:٦٥-٦٦] ولعل السبب في ذلك: أن الله سبحانه وتعالى بين في كتابه أنه رضي عنهم، ووصفهم بصفات عظيمة جداً في عبادتهم وشجاعتهم وجهادهم وتضحيتهم وبذل أموالهم رضي الله عنهم وأرضاهم، فمن لمزهم وسخر منهم أو انتقصهم على وجه العموم فكأنه بهذا يكون مكذباً لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم.
هناك نصوص كثيرة في مسألة القدح في الصحابة، ذكر العلماء النقود التي نقد بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نجعلها على أقسام: القسم الأول: التعرض لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحدهم قالوا: وهذا لا يخلو من أمور متعددة: الأول: الشتم له، وهذا لا شك أنه يعتبر شتم واحد من الصحابة، كأن يقول: فلان بخيل، فلان ليس بكريم، أو عنده صفة الجبن صحابي، فهذه كبيرة من الكبائر.
لكن إذا حكم بها على الصحابة جميعاً فهذا يعتبر كفراً، والسبب: لأنه تكذيب للنصوص الواردة.
قالوا: وإن كان التعرض له بدينه، أي: تعرض للصحابة رضي الله عنهم بالدين سواء بالكفر أو النفاق أو الردة، فلا يخلو إما أن يكون هذا الصحابي ممن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بجنات عدن، قالوا: هذه ردة عن الإسلام، لكن إذا كان رماه بالموبقات وبالمعاصي، ولم يكن ممن شهد له النبي صلى الله عليه وسلم بجنات عدن، فهذا يعتبر كبيرة من كبائر الذنوب.
القسم الثالث: إذا تعرض لجمهور الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم، فهذه المسألة للعلماء فيها أقوال، فمن العلماء من يكفره، ومن العلماء من لا يكفره، لكن الأظهر أن من تعرض لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإطلاق فإنه يكفر، ولهذا ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في منهاجه: أن من تعرض لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إنهم ارتدوا ما عدا ثلاثة أو غيره، فإن هؤلاء يعتبرون كفاراً؛ لأنهم كذبوا الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، هذا ما يتعلق بما ينبغي علينا تجاه الصحابة رضي الله عنهم.