بالنسبة للتشبيه نقول: الله سبحانه وتعالى له أسماء وصفات من غير تشبيه ولا تمثيل ولا تكييف، ولفظة الشبيه في أصلها لم يرد دليل عليها في النفي، ومن أطلقها من السلف فإنما يقصد بها التمثيل، وإذا أطلقت بمعنى التمثيل قد دل عليها النفي في نصوص الكتاب والسنة، والأولى أن نعبر بالتمثيل؛ لأن لفظ التشبيه من الألفاظ الموهمة، ووجه الإيهام: أنه ما من شيئين إلا ويوجد بينهما مشابهة، وهذه المشابهة هي المعنى المطلق الكلي العام، الله سميع والمخلوق سميع يوجد نوع مشابهة في الاسم والمعنى المطلق الكلي العام، لكن في الحقائق والأعيان لا، {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ}[الشورى:١١] ولولم يوجد القدر المشترك من هذا الشيء ما فهمنا مراد الشارع ولا خطابه أصلاً.
فمثلاً: لو جئت بلفظة، ثم قلت مثلاً في أول مرة يسمعها الناس، حروفها عربية، لكنهم لا يعرفون مدلولها، ستجد السؤال: ما هذا الكلام؟ لكن إذا قلت مثلاً: قام، جلس، يكون عنده تصور وفهم، فإذا قلت: ينزل ربنا، انتهى الإشكال، ليس فيه مجال لشخص بأن يأتي ويقول: أعوذ بالله! أنت تقول: إن ربنا مثل المخلوق، لأنه بمجرد الإضافة والتخصيص تلغى قضية التشبيه.
إذاً التعبير بلفظ التمثيل أولى من التشبيه لأمور: الأول: لأن القرآن عبر بالتمثيل ولم يعبر بالتشبيه.
الثاني: أن التشبيه عند بعض المبتدعة يقصد به إثبات الصفات، فمثلاً: الأشاعرة والمعتزلة والجهمية يسموننا أهل السنة مشبهة، قلنا لهم: لماذا تقولون مشبهة؟ قالوا: أنتم تثبتون لله يداً، تثبتون لله قدماً، تثبتون لله إصبعاً، تثبتون أن الله يضحك، أنتم مشبهة، فلما كان لفظاً قد يرد فنقول: لو جيء بدلاً منه بالتمثيل كان أولى.
الأمر الثالث: أن نفي التشبيه ليس على إطلاقه، بخلاف التمثيل فعلى إطلاقه ننفيه عن الله، لا نقول: لا يوجد مشابهة بين الخالق والمخلوق أبداً، لأننا قلنا: يوجد اشتراك بينهما في الاسم وفي المعنى المطلق الكلي العام.