الحمد لله، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
قبل أن نبدأ بمبحث القضاء والقدر، بقي عندنا جزئيات يسيرة في مسألة عذاب القبر ونعيمه.
مسألة: هل عذاب القبر متعلق بالروح والجسد، أم أنه للروح فقط، أم أنه للجسد وحده؟ الجواب: المعتزلة لما أنكروا عذاب القبر كانوا يقولون: إننا إذا بحثنا عن الميت بعد مضي سنين لم نجد شيئاً من جسده، وأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الإنسان يبلى ولا يبقى منه إلا عجب الذنب فقط، فقالوا: إذاً تعلق العذاب والنعيم هو على الروح فقط، ولكن هذا القول ليس بصحيح، والدليل على عدم صحته: أنه يأتيانه ملكان فيسألانه ويقعدانه، ثم يفتح له باب فيقال له: انظر، فينظر إلى الجنة، وينظر إلى النار، هذا كله يتعلق بالنظر وغيره للجسد ليس للروح، مما يدل على أنه للروح وللجسد جميعاً، وإن كان أغلبه للروح، والجسد له جزء من قضية التنعيم، وله جزء من قضية التعذيب.
القبر ظلمة، ونعوذ بالله أن تكون قبورنا ظلمة علينا، ولقد ماتت امرأة في حياة النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه البخاري ومسلم وهو في مسند الإمام أحمد وغيره، وهذه المرأة كانت تقم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وماتت ولم يعبأ الصحابة بها، ولم يوقظوا النبي صلى الله عليه وسلم ليصلي عليها، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بأنها ماتت ودفنت، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال:(دلوني على قبرها) ثم قام النبي صلى الله عليه وسلم وصلى عليها ثم قال: (إن هذه القبور ظلمة على أهلها، وإن الله عز وجل ينورها لهم بصلاتي عليهم) مما يدل على ما يتميز به أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، من أن القبر ينور على أصحابه عندما يصلي عليهم، ويكون نوراً على الناس بسبب الأعمال الصالحة التي يقدمونها في الحياة الدنيا.