للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[سؤال الهداية من الله تعالى]

إن السؤال عن الأمر الذي يشكل على المسلم من أعظم أسباب الهداية، ومن أعظم أسباب تحصيل العلم؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إنما شفاء العي السؤال) .

وينبغي أن نعلم من قول المؤلف:

رزق الهدى من للهداية يسأل

أنه ليس كل سؤال يكون سبباً للهداية، وإنما السؤال الذي يكون مقصد الإنسان به معرفة الحق والتمسك به، والحرص على سنة النبي صلى الله عليه وسلم، فإن هؤلاء هم الذين يهدون، ولكن الأسئلة التي كان يطلبها المشركون من محمد صلى الله عليه وسلم: {لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الْأَرْضِ يَنْبُوعاً} [الإسراء:٩٠] {وَلَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنَا كِتَاباً نَقْرَأُهُ} [الإسراء:٩٣] تجدها أسئلة لا يريدون منها الحق، فهؤلاء لم يرزقوا الهداية، وينبغي أن نستفيد فائدة وهي: أنه ينبغي للمسلم أن يكون همه وقصده الوصول إلى الحق والبحث عنه، فإذا كانت هذه نيته فإن الله يوفقه ويهديه ويرشده لمعرفة الحق.

فائدة أخرى: نقول: إن الهداية لا بد فيها من عمل الأسباب، وليست الهداية تنزل على الناس من السماء، ولذلك نقول للأحبة: قد تأتي لأخٍ لك أو لقريب لك لا يصلي، ثم تقول له: يا أخي اتق الله! صلِّ أدِ الصلاة، فتجد إجابته عجيبة، فيقول لك: يا أخي! احمد الله أن الله هداك وأنا ما هداني، اسأل لي الهداية، يريد أن تنزل عليه الهداية من السماء! لا، ولهذا قال شيخ الإسلام:

رزق الهدى من للهداية يسأل

من بحث عن الهداية وفقه الله وسدده ودله على الخير.

ولهذا لما بحث أبو ذر وعمر بن عنبسة عن الهداية وعن الدين، هداهم الله، لكنهما لو جلسا ولم يسألا ولم يبحثا لم تنزل عليهما الهداية من السماء، بل لا بد ولهذا قال الله: {فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى} [الليل:٥-٧] إذاً لا بد من قضية العمل حتى ترزق الهداية، وييسر الله لك أمورها.

<<  <  ج: ص:  >  >>