[تعريف البدعة في اللغة والاصطلاح]
البدعة في اللغة: مأخوذة من الشيء المخترع من غير مثال سابق، ومنه قوله تعالى: {قُلْ مَا كُنْتُ بِدْعاً مِنَ الرُّسُلِ} [الأحقاف:٩] وقوله تعالى: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا} [الحديد:٢٧] {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ} [البقرة:١١٧] نجد من هذا المفهوم أنه يدلنا على أن البدعة شيء جديد لم يكن عليه من قبل.
يجب أن نعلم أن البدعة تستعمل في الخير والشر، إلا أنها أكثر ما ترد في قضية ما نسميه عرفاً في قضية الذم، إذا قيل: هذا أمر مبتدع، كأنك تنفر الناس منه.
بالنسبة للبدعة فقد عرفها جمع من أهل العلم، وممن عرفها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى، قال: البدعة في الدين هي ما لم يشرعه الله ولا رسوله، وهو ما لم يأمر به أمر إيجاب ولا استحباب، فأما ما أمر به أمر إيجاب أو استحباب، وعلم الأمر به بالأدلة الشرعية فهو من دين الإسلام ولا يسمى الذي شرعه الله بدعة وإن تنازعوا -يعني: العلماء- في شيء من ذلك، وسواء كان هذا الأمر معروفاً في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو لم يكن معروفاً.
ابن رجب رحمه الله تعالى ذكر تعريف البدعة: أنها ما أُحدث مما لا أصل له في الشريعة يدل عليه، وأما ما كان له أصل في الشريعة يدل عليه فليس ببدعة شرعاً، وإن كان يسمى بدعة لغوية.
ونفهم من التعريفين السابقين أموراً متعددة: أولاً: أن البدعة إحداث في الدين، فيخرج بذلك ما أُحدث ولم يدخل به من أمور الدين، مثل: الأمور المتعلقة بالأمور الدنيوية، ميكرفونات سيارات إلى غيره، ما كانت هذه بدع، ولكنها ليست متعلقة بالدين، بل إن هذه من أمور مصالح الدنيا.
كذلك نجد أن البدعة ليس لها أصل في الشرع يدل عليها، وأن ما دلت عليه قواعد الشريعة فليس ببدعة وإن لم ينص عليه الشارع، مثل الآن: الصواريخ والطائرات والآلات الحربية وغيرها، نصت عليها الأدلة: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال:٦٠] ولكننا لا نعتبرها بدعة؛ لأنها لم ترد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم.
ونستفيد من التعريف كذلك أن البدع كلها مذمومة، وليس هناك بدعة أبداً حسنة، وهذا أصح أقوال أهل العلم في هذا الأمر.
كذلك: البدع في الدين قد تكون بالنقص، وقد تكون بشيء زائد، فمن النقص: أن يبتدع الناس ترك السنن، فيقررون بينهم أنه لا حاجة لسنة أبداً، ولا حاجة للعمل بها، ويسيرون على أنه منهاج، ولكن هذا ليس مسلماً به على إطلاقه.
ومن ألطف من كتب في البدع الإمام الشاطبي رحمه الله تعالى في كتابه الاعتصام، وله تعريف في البدعة نذكره.
قال: البدعة طريقة في الدين مخترعة تضاهي الشريعة، يقصد بالسلوك عليها المبالغة في التعبد لله تعالى.