أن يشتغل طالب العلم بطهارة باطنه وظاهره من شوائب المعاصي والمخالفات لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وخاصة أن النفس قد جبلت على أخلاق رديئة، وفيها من الصفات ما تحتاج إلى نزعها منها حتى يكمل الإنسان ويشرف، ويعلو ويتطهر بما جاء من شرع الله ومن سنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وكم في النفس من الأخلاق الذميمة مثل الغضب، والشهوة المحرمة، والحقد، والحسد، والعجب، والكبر وغيرها من الأمراض التي تحتاج إلى علاج.
وسبحان الله! تلك الأمراض هي ظلمة في القلب، والعلم الذي يأخذه الإنسان هو نور، ولا يمكن أن تجتمع الظلمة مع النور اجتماعاً كاملاً، ولذلك قيل: القلب المظلم المشحون بالذنوب لا يستطيع استقبال النور، ولا تحدث بركة العلم فيه كاملة.
وقد ذكروا أن الإمام الشافعي رحمه الله تعالى حفظ الموطأ عند الإمام مالك في أيام، ولعله في أسبوع أو أكثر من ذلك، فقال:
شكوت إلى وكيع سوء حفظي فأرشدني إلى ترك المعاصي
وأخبرني بأن العلم نور ونور الله لا يؤتى لعاصي
ولذلك ربما يكون الإنسان حافظاً، وذا اطلاع وفهم وإدراك ومعه معصية لكن العلم الذي معه لا تحدث بركته فيه، فلا يستفيد الناس منه، ولا يستفيد منه بذاته شيئاً يثمر به، ولهذا وجب على الإنسان أن يطهر نفسه من أدران المعاصي صغيرها وكبيرها.
ونبه العلماء رحمهم الله تعالى على أن من الواجب على المسلم أن يطهر نفسه من أدران البدع التي ربما توجد عند بعض الناس، سواء كانت تلك البدع صغيرة أو كبيرة، وهذا هو الواجب، وكما قال النبي صلى الله عليه وسلم:(ألا إن في الجسد مضغة، إذا صلحت صلح سائر الجسد) ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: (ألا وهي القلب) والقلب هو موطن العلم، وبركته إنما تصدر من القلب إذا نفع الله به، وكان طلب العلم فيه إخلاص، وابتعاد عن المعاصي.