العجب من المعتزلة أنهم أنكروا، ولم يثبتوا الصراط، وهؤلاء المعتزلة ما جاءهم من أمر إلا ووقفوا في وجهه غير قابلين له، وبمجرد إمراره على العقل فلا يثبتونه، وهذا لا شك من جهلهم وخرافاتهم.
مسألة: اختلف الناس في المراد بالصراط؟ القول الأول: قول أهل السنة: وهو إثباته على ظاهره، وأنه جسر ممدود على جهنم يمر الناس منه.
القول الثاني وهو قول المعتزلة: وهو إنكار الصراط، وقالوا: لا يمكن عبوره أبداً، وجاءوا بعقولهم، قالوا: أدق من الشعر، وأحد من السيف، ودحض مزلة، كيف يعبر الناس هذا؟ ثم إن من يمر عليه، الله قال:{وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا}[مريم:٧١] يصبح المؤمنون كلهم يمرون عليه، قالوا: وإذا كان المؤمنون سيمرون فهذا تعذيب لهم، والمؤمنون حقهم الجنة، فلماذا يعذبون؟ بمجرد إجالة العقل فقط، وهذا كلام باطل.
ومن العلماء من قال: المراد بالصراط هي الأدلة الواضحة، ولا شك أن هذا الكلام باطل غير صحيح، وذكر بعض أئمة أهل السنة كـ القرافي ونقل عن العز بن عبد السلام كذلك: أنه لا يمكن أن يكون أحد من السيف وأدق من الشعر وغيره، وإنما الصراط عريض يمر الناس منه، ولكن نقول: ما ورد من حديث أبي سعيد رضي الله عنه في صحيح مسلم يدلنا عليه، فوجب أن نثبته إثباتاً كاملاً.