ذكر المؤلف رحمه الله تعالى:(ولكلهم قدر) أي: لكل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر، والقدر في اللغة بفتح فسكون: وهو مقياس الشيء وضابطه، يقال: هذا له قدر أي: له مقياس وضابط، ولعله يقصد بها هنا المنزلة، ويقال: فلان له قدر عظيم أي: منزلة عظيمة؛ وذلك لوجود الدلائل على فضائل هؤلاء الصحابة، ومنه قوله تعالى:{وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ}[الأنعام:٩١] أي: ما عظموا الله حق تعظيمه، ولا عرفوه حق المعرفة.
ولهذا تجد النواصب والخوارج الذين يكفرون الصحابة المدعين لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم محبة، فإن هؤلاء ما عرفوا قدر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم.
قال:(ولكلهم قدر وفضل) قال في اللسان: الفضل والفضيلة معروف، والفضيلة ضد النقص، وكذلك ضد النقيصة، قيل: الفضيلة هي الدرجة الرفيعة في الفضل، ولا شك أن الصحابة لهم منازل يفوقون بها سائر الناس، وكم كانت النفوس تتمنى أن لو رأت أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم:(يغزو قوم -أي: جيش- فيقال: هل فيكم من صحب رسول الله؟ فإذا قيل: فيهم فلان فتح الحصن بكامله) لما يعرفون من المنازل العليا لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولمن سار على نهجهم.
قال:
ولكلهم قدر وفضل ساطع
قالوا: سطع يسطع سطعاً وسطوعاً، وقال في اللسان: أصلها من سطع، والسطيع كل شيء انتشر، فضل ساطع أي: واضح، ومنازلهم لا تخفى إطلاقاً، ولئن جهلناها نحن فإنها لا تجهل، فقد دونت ووجدت في كتاب الله وفي سنة رسوله صلى الله عليه وسلم، ولذلك قالوا: السطيع كل شيء انتشر أو ارتفع من برد أو غبار أو نور أو ريح، وكل هذه تدل على البروز والظهور، فالبرد والغبار والنور والريح ظاهرة واضحة، وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم المنازل العليا.