توحيد الألوهية لا شك أنه التوحيد الذي بعثت به الرسل، وأنزلت من أجله الكتب، ومن أجله خلقت الجنة والنار، ومن أجله خلقت الخليقة كلها، كما في قوله تعالى:{وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْأِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}[الذاريات:٥٦] .
وسبحان الله! هذا التوحيد هو الذي وقع النزاع فيه بين الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وبين أممهم، ونجد أنه ما من نبي إلا ويأتي إلى قومه فيقول لهم:{اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:٥٩]{وَإِلَى مَدْيَنَ أَخَاهُمْ شُعَيْباً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:٨٥]{وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحاً قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ}[الأعراف:٧٣]{وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ}[النحل:٣٦] .
يعتبر توحيد الألوهية أول دعوة الرسل، وأول منازل الطريق، وأول واجب على المكلف، وآخر ما يخرج به الإنسان من الدنيا إلى غيره.
ذكرنا أن الأصل في البشرية هو توحيد الله، والله خلق آدم وذريته على التوحيد، ولذلك جاء في الحديث القدسي:(خلقت عبادي حنفاء فاجتالتهم الشياطين) وأول شرك وقع في البشرية هو في ألوهية الله تعالى، ولذلك قوم نوح عبدوا القبور والتماثيل التي كانت لرجال صالحين، ومع ذلك وقع الانحراف فأُرسل نوح عليه الصلاة والسلام لأجل هذا.
وضد توحيد الألوهية صرف شيء من أنواع العبادة لغير الله تعالى، سواء كانت ذبحاً أو نذراً أو غيره، أو صرف العبودية كلها لغير الله تعالى، وهذا لا شك أنه أخطر شيء.