لما جعلهم أحياء عند ربهم سُموا شهداء، وأصل ذلك أن غاية ما
يستحقه الإِنسان في الآخرة القرب من الله، وكونه عنده، ولما
وعد الله القتيل في سبيله بذلك سُمي شهيداً، ونبَّه تعالى بالآية أنه
غير إنصاف لمن ساوى العدو في المغالبة الدنيوية أن يحزن، فكيف
بمن كان غالباً، وبين بقوله: (وَتِلْكَ الْأَيَّامُ نُدَاوِلُهَا) أن
من حق العاقل أن لا يبالي بما يفوته مالاً كان أو جاهاً أو قهراً.
فإن الله جعل بِنْيَةَ الدنيا على أن تكون أعراضها دولاً بين أخيارهم
وأشرارهم، وليصبر الأخيار فيما يصيبهم من المحن، ويشكروا
ما ينيلهم من المنح، فيصلوا بذلك إلى ثوابه، وعلى ذلك
(وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ)
إن قيل: هل يصح أن تكون الدولة للكافرين على المؤمنين؟
قيل: يجوز ذلك إذا كانت الدولة من الحظوظ الدنيوية، التي قد يُعطى الكافر منها أكثر مما يُعطى المؤمنون، قال قتادة: ولولا الدولة ما أوذي المؤمنون،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute