لستم بمؤمنين، فكيف تدعون الإيمان بما أنزل إليكم، وقال الزجاج في قوله:{إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}. [ما كنتم مؤمنين].
فإن عنى أن إن ههنا لفظة للنفي فدلك بعيد، وإن عنى أنه شرط مقتضاه النفي كما تقدم فصحيح والكلام في أنه كيف جعل الإيمان أمراً في قوله:{يَأْمُرُكُمْ بِهِ إِيمَانُكُمْ} فقد تقدم في صدر الكتاب فصل كلي يكفي الاشتغال بهذه التفاصيل.
الخالص كالصافي، لكن الصافي يقال فيما لم يكن قبل فيه شوب، ولا يقال: خالص إلا ما كان فيه شوب من [قبل]، فزال عنه، ولذلك قال الشاعر:
خلاصُ الخمْرِ منْ نسجِ الفَدَامِ
فاعتبر فيه معنى التخلص والتمني تقدير تأتي مشيته والتحدث به إما ضميراً، وإما مقالاً، ودون لما كان في الأصل القاصر عن الشر اعتبر ذلك في المكان تارة وفي الشرف تارة، وفي الاختصاص تارة، فإذا قيل: هذا لي دونك، فهو مفيد للاختصاص، ومعناه: أنت تقصر عنه، وإن قيل كيف قال:(من دون الناس) والمخاطبون أيضاً من الناس؟
قيل: قد قال بعضهم لفظه عام، ومعناه خاص، أي دون سائر الناس، وقال بعضهم في ذلك لطيفة، وهو أنه يقال: " فلأن ليس من الناس، وذلك متردد بين المدح والذم، فالمدح نحو قول بعضهم: فلان ليس إنساناً، بل هو ملك كريم ...