أبتخصيص بعضهم بمنحة؟ كقولك:" فضلت فلاناً في العطاء؟ أو بالحكم والقول "، كقولك:" فضلت زيداً على عمرو في العلم "؟ قيل: بالأمرين جميعاً، فإن الله تعالى جعل لمن رشحه للنبوة فضائل خصه بها، ابتداء وفضائل هداه إليها ليصيبها، فما خصهم به أن جعل كل واحد في نفسه وأخلاقه معرى من عاهة تشينه، وأيده بأنواع كرامات وزيادة معاون تشرح صدره، وحدد عليه في كل وصايا تسدده، وعاتبه في أذى زلة ظهر منه، فهذا التفضيل الذي جعله ابتداء، وأما تفضيله لهم بالحكم، فعلى حسب ما يظهر من أفعالهم، فمعلوم أنه ليس حظ يونس - عليه الصلاة والسلام - حيث حذر نبينا - عليه الصلاة والسلام أن يكون مثله في الصبر بقوله:
{وَلَا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ إِذْ نَادَى وَهُوَ مَكْظُومٌ} كحظ الذين حثه على الاقتداء بهم في قوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}، فالتفضيل يحصل بالأمرين، وللتفاضل بينهم قال عليه الصلاة والسلام:" فضلت على الأنبياء بست: أوتيت جوامع الكلم، ونصرت بالرعب، وأحلت لي الغنائم، وجعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً، وختم بي النبيون، وأرسلت إلى الناس كافة " ..