خَلْفَهُمْ} وقوله:{وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِنْ قَوْمٍ خِيَانَةً فَانْبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَى سَوَاءٍ} من أشرف كلام، ولاَحَظَّ في معرفته لمن لم يتوفر نصيبه من البلاغة، وكذلك قول الشاعر:
فَاقْطَعْ لُبَانةَ مَنْ تَعرَّضَّ وَصْلُُ ...
وقول الآخر:
وَمَا اْلَمرْءُ ماَدَامَتْ حشُاَشَةُ نَفْسه ...
بُمْدِركِ أَطْرَافِ الْخُطُوبِ ولاَ أَلِ
من أفصح كلام ولا يعرفه جميع الأنام، ثم إن القرآن وإن كان في الحقيقة هداية للبرية، فإنهم لن يتساووا في معرفته، وإنما يحيطون به بحسب درجاتهم واختلاف أحوالهم.
فالبلغاء تعرف من فصاحته، والفقهاء من أحكامه، والمتكلمون من براهينه العقلية، وأهل الآثار من قصصه ما يجهله غير المختص بفنه، وقد علم ان الإنسان بقدر ما يكتسب من قوته في العلم تتزايد معرفته بغوامض معانيه، وعلى ذلك أخبار النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولهذا قال عليه السلام: