الكفر في اللغة الستر، ووصف الليل بالكافر لستره الأشخاص والزارع لستره البذر في الأرض وليس لهما باسم كما ظن بعض أهل اللغة لما سمع قول الشاعر: ألقت ذكاء يمينها في كافر فإن ذلك على إقامة الوصف تمام المصوف، وقول الشاعر: كالكرم إذ نادى من الكافور، أي: الأكمام منه، وسمى القرية كفراً لذلك، وكفر النعمة: سترها، يقال: كفر كفراً وكفوراً، نحو شكر شكراً وشكوراً وهو كافر وكفور، وشاكر وشكور.
وحقيقة الكفر ستر نعم الله تعالى، ولما كانت نعمه تعالى بالقول المجمل ثلاثاً، نعمة خارجة: كالمال والجاه، ونعمة بدنية: كالصحة والقوة، ونعمة نفسية: كالعقل والفطنة، صار الشكر والفكر ثلاثة أنواع بحسبها، وأعظم الكفر ما كان مقابلاً للنعمة [النفسية] فيها يتوصل إلى الإيمان واستحقاق الثواب، ومن قابل تلك النعم بالكفران فهو الكافر المطلق، ولذلك صار الكفر في الإطلاق جحود الوحدانية والنبوة والشريعة ..
، وقوله تعالى:{سَوَاءٌ} في الأصل مصدر كالعلاء والنماء، وفي المتعارف يستعمل في وسط الشيء المعتبر استواؤه بطرفيه، ومنه سواء الدار، وأما السيان: ففي الشيئين المعتبر أحدهما بالآخر في المساواة، فالشيء هو المساوي كالقتل والمثل في معنى المقاتل والمماثل، فإذا قيل:" سيان زيد وعمر "، فمعناه:" كل واحد منهما مساوٍ للآخر "، وإنما جاز قولهم:([سواء] على أقمت أم قعدت) منه بإبهام الأمر على استواء الحالين لديه، وإن كان القصد الأول بهذا الكلام إلى الاستفهام دون المساواة، فلما صار فيه معنى الاستواء، جاز أن يقال ذلك بمعنى أن ما اقتضاه هذا السؤال سوى عندي، وأكثر النحويين جعلوا " سواء " مبتدأ وما بعده خبره، وقالوا: " كل جملة حصلت خبرا لمبتدأ فلابد من أن يكون فيها ضمير منطوق به، أو مقدر إلا هذه الجملة، فإنه لا ضمير فيها بوجه، وذكر بعضهم أن المبتدأ ههنا مقدر، وقد دل عليه لفظ الاستفهام وسواء: خبره فالجملة قد تدل على المخبر عنه نحو من كذب