فإن الثانية خير من الأولى في الوقت الثاني، لأن الأولى قد بطل العلم بها، وقوله بخير منها يعني في الوقت وتعلقهم بقوله تعالى:{يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ}، وقوله:{يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ} فبعيد، فإن التخفيف واليسر في الأمور الإلهية في الدنيا والآخرة هما مما تستثقله النفس، أما في الآخرة، فأنه لا وصول إلى ذلك إلا بتحمل المشاق في الدنيا والعمل بالطاعات ومخالفة الهوى، وأما في الدنيا فإن التخفيف واليسر مع حصول العلم والصبر والعفة الواضحة عن الإنسان ثقل الجهل والجزع والخوف والفقر.
الولي يقال تارة لمن له موالاة نسبية أو خلف، وتارة لمن له ولاية سلطانية، وإنما ذكر الولي والنصير، وهما متقاربان بالعنف، لأنه قد ينفك الولي من النصرة بأن يكون ضعيفاً، والنصير من الولاية بأن يكون عن المنصور أجنبياً، وقوله:{وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّه} ِإذا تصور خطاباً للكفار اقتضى وعيدا أي لأولي وناصر يحميكم عنه نحو قوله تعالي.
{إِنَّكُمْ مِنَّا لَا تُنْصَرُونَ} إدا تصور خطابة للمؤمنين اقتضى تسكيناً لهم أي لا تعتدوا بمن يواليكم وينصركم سواه، كقوله:{ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ}، وإذا اعتبر بهما فالمعنيان فيهما موجودان أي لا تعتقدوا أن لكم ولياً وناصراً إذا لم يكن الله وليكم تنبيها أنه تعالي هو الذي لا يمكن تصور ولي وناصر مع تصور