للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقال: سمَّى كُلُّ إنسان عالماًَ، لأن فيه جواهر العالم الأكبر من الأخلاط الأربعة، ولأن لحمه كالأرض الرخوة، وعظامه كالجبال، ودمه الجاري في العروق كالمياه في الأنهار، ونفسه كالريح، وشعره كالنبات.

وفيه من الملك: العقل، ومن البهائم: الشهوة، ومن النبات: النمو والتغذي.

قال: فصار عالماً يعلم به وحدانيته صانعه كما يُعْلَمُ بالعالم الكبير.

ولذلك قال تعالى:

{وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}، وقال عليه السلام: " أعلمكم بنفسه أعلمكم بربه "، وقيل - فيما أنزل الله في السفر الأول:: من عرف نفسه فقد عرف ربه " وإلى نحو ذلك أشار بقوله - عز وجل -: {وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ} تنبيهاً أنهم لو تفكروا في أنفسهم لما خفي معرفته عليهم.

وقال المفضل بن سلمة العرب تقول: " العالمين " - بالياء - في موضع النصب والرفع والجر، إلا قوماً من كنانة يقولون: " اللذون " قال: ويدل على ذلك أن " فاعل " لم يجمع السلامة قال: وعلى ذلك " الأقورين " و " الفتكرين " و " البرجين "، وذكر أن من قال: العالمون، فقد وقع عليه السهو حيث لم يجد ذلك في موضع الرفع، كما وجد الذين في موضع رفع، وذكر المبرد أن هذا سهو من قائله، لأنه رأى ذلك في القآن إما خفضاً أو نصباً.

قوله - عز وجل - {مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ} الآية: (٤) سورة الفاتحة.

قيل: الملك الذي يملك الأمر والنهي في الجمهور، وإنما شرط الجمهور لأن كل إنسان يملك ذلك في نفسه وما يختص به، ثم يقال له: ملك، وهذا إنما قاله بالنظر العامي وأما بالنظر الخاصي، فهو

<<  <  ج: ص:  >  >>