{وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ} كقوله: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}، لكنه أبلغ في الذم، لأنه نفى وقوع شكر منهم وشكور هنا مبالغة، وقد لا يكون شكوراً من كان شاكراً ..
إن قيل: لم أعيد ذكرا الناس ولم يقل: (ولكن أكثرهم)؟
قيل: لأن الناس في الأول عام لكون نعمته على جميعهم، وفي الثاني خاص للمكلفين، لأنه لا يلزم شكرهم غيرهم، فكأنه قيل: ذو فضل على جميع الناس، ولكن أكثر المكلفين لا يشكرون ..
إن قيل: لم خص النبي - ص - الله بهذا الخطاب، فقال:{أَلَمْ تَرَ} وقال: {أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا}؟
قيل: لأن ذلك لما كان من الاعتبارات التي تخفي إلا على ذوي البصائر من الأنبياء ومن يدانيهم في العلم ولم تكن من المحسوسات المشاهدة، وخصه بالخطاب، وفي الآية الأخرى ونظائرها لما كانت من الأمور المحسوسة عمهم بالخطاب.
قل: تقديره (وقيل لهم بعد ذلك: {وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ}، ولفظ الحكاية مقدر، وقيل: إن ذلك خطاب منه تعالى لهذه الأمة، وأنه لما قرر بالآية المتقدمة في أنفسهم أن الفرار لا يزيد في الأجل، حثهم بهذه على المجاهدة في سبيله، ولم يعن الأعداء المجاهدين فقط بل عناهم وأقرب الأعداء إلى الإنسان وأصعبها دفاعاً وأكثرهم أذى الهوى المدلول عليه بقوله عليه الصلاة والسلام:" جهادك هواك "،