محرم كالتأخر عن إقامتها عن تحملها في بعض الأحوال وقوله:{وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} أي يأثم بذلك قلبه، ويجوز أن يكون معناه:" إنما يكتم الشهادة ومن يكتم لأنه قد أثم قلبه " قيل فحمله ذلك على ارتكاب المحارم واحتقاب المآثم، وإضافة الإثم إلى القلب مبالغة في الذم، فالقلب مقر البر والإثم، ولهذا قال:{وَمَنْ يُؤْمِنْ بِاللَّهِ يَهْدِ قَلْبَهُ}، وقال بعضهم:" في أية الدين صلاح للدين والدنيا "، فالإنسان بمراعاة ما أرشده الله إليه فيهما يبعد عن جحود الحق الذي هو سبب التنازع، والتنازع سبب كل شر ولذلك قال تعالى:{وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ}، ومن هذه الوجه منع من البيعات المجهولة وجهل المدة وسائر الأشياء المؤدية إلى المنازعة، أوجب الإشهاد من أوجبه، لأن كل ما يؤدي إلى فساد فحسم مادته واجب ..
قد تقدم ما هو جواب عن سؤال من قال: لم قال الله: {مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} ودلالة خطابه تقتضي أن ليس له السماوات والأرض، وقال بعض الصوفية في قوله:{لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} تنبيه أنه لا يجب الاشتغال بهما، بل يجب الاشتغال بمن أوجدهما وملكهما - تنبيها أن من تركها وأقبل عليه ملكه إياهما وما هو أفضل منهما، وإياه قصد بقوله:{لَا تَسْجُدُوا لِلشَّمْسِ وَلَا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوا لِلَّهِ الَّذِي خَلَقَهُنَّ}،
إن قيل: ما وجه نظم هذه الآية مع ما قبلها؟ قيل: إنه لما فرغ من حكم الإيمان والعبادة والأحكام المذكورة في هذه السورة، ختمها بالموعظة ونبه على وجوب تفويض الأمر إليه، ولما كانت حقيقة العبادة متعلقة بالقلب، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام:" أخلص يكفك القليل من العمل "، وهو أحد ما أفاد قوله - عليه الصلاة والسلام: " البر ما اطمأن إليه