أن هذا لا محالة مما تبين أمارته للإنسان إذا تأمل، أدني تأمل، وخاطب بالآيات عماء بني إسرائيل الآميرن غيرهم بالبر، الناسين أنفسهم بأن استعينوا في مدافعه هذه الحال بالصبر والتوصل به إلى الصلاة، فبها يصير الإنسان خاشغاً ملتزماً للحق ممن ظهر منه.
الفضل: كالزيادة، إلا أنه أخص منها، وهو من الأسماء المتضايقة، كالكثير، والقليل، والكبير، والصغير، ويستعمل على اعتبارين: أحدهما: اعتباراً بالطرف الذي هو النقص، وذلك يستعمل على سبيل المدح، والثاني: اعتباراً بالوسط الذي هو العدل والسواء، ويستعمل ذلك على وجهين: أحدهما: الزائد على العدالة على سبيل الاستظهار، وهو السماحة والإسماح ببعض ما لا يجب عليه، أو بترك بعض ما لا يجب له، وذلك هو المعنى بالإحسان: في قوله:
{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ}، وبالزيادة في قوله:{لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ}، وإياه عنى بقوله:{وَلَا تَنْسَوُا الْفَضْلَ بَيْنَكُمْ}، والثاني: الإفراط الجاري في الذم مجرى التفريط، كالإسراف والتبذير المنهي عنه بقوله:{وَلَا تُسْرِفُوا}، وقوله:{وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا}، والمعبر عنه بقول العامة:" الزيادى على الكفاية نقصان "، وأكثر ما يعبر عنه بالفضلة والفضالة فالزيادة على الاعتبار الأول فضيلة، وهو استظهار في العدالة، وعلى الاعتبار الثاني رذيلة، وهو ترك العدالة، والتفضيل: يستعمل على وجهين: إما بمنحة خص المفضل بها نحو قوله: {وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا}، فإن ذلك أمور خص بها بنو آدم ابتداء، وأما الحكم للمفضل بالفضل الحاصل منه، نحو قوله:{وَفَضَّلَ اللَّهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْرًا عَظِيمًا}، فالأول: يجب على العبد به الشكر، إذا هو مدح له، نوليس له به حمد، والثاني: يجب له به حمد، ويستحق به الثواب، وأما العالمون: فقد تقدم الكلام فيه، وأنه تارة يقال لجميع ما أوجده الله تعالى من الفلك، وما يحويه عالم بلفظ الإفراد، وتارة