إن قيل: ما وجه فائدة ذكر المحافظة على الصلاة فيما بين حكمي الطلاق والعدة؟
وهلا أفرد عن ذلك؟ فإن إفراد كل باب من الحكم أحسن في الترتيب من خلط بعضه ببعض، قيل: أما أولانا: فآيات القرآن منزلة حسب الحاجات، ولهذا قال الكفار:
{لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً} أعلمهم أنه فعل ذلك ليقوى عليه الصلاة والسلام- على تلقينه وتلقنه فقال:{وَقُرْآنًا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْثٍ وَنَزَّلْنَاهُ تَنْزِيلًا}، ثم إن الله تعالى لا يخلي شيئاً يذكره مما تعلق بالأحكام الدنيوية إلا ويقرنه بحكم أخروي لينبههم إلى مراعاة الآخرة في جميع أحوالهم وأعمالهم، وأنها هي المقصودة بالقصد الأول وسائر ما يتحرى، فلأجلها، على أن ما يرونه موجود هاهنا ومحفوظ، وأبلغ وأحسن مما راعاه أصحاب القوانين، لأنه لما حثهم على العفو ورغبهم في المحافظة عي الفضل، عرفهم أن السلوك إلى التخصيص بذلك هو المحافظة على الصلوات في كل حال، فإن الصلاة هي الآمرة بالمعروف، والناهية عن المنكر، كما قال:{إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ}، ثم صرف الكلام إلى ذكر ما كان بصدده، فتممه، وهذا النحو من جنس ما يسمى بـ التفات المعدود في بديع الكلام ..
الركوب: كون الشيء فوق أخر، يقال لكل مركوب ركوب، وخص الراكب في تعارف العرف يمتطي البعير، وسمى المطية ركاباً، وما يجعل الراكب رجله فيه ركاب، وأركب المهر، بحيث يركب، وتعورف المركب، والمركب فيمن ركب فرس غيره، وفيمن يعجز عن الركوب من قوله: ثم الطيور المركبا والركبة: بهذا الاعتبار سميت، وقيل: " فرس أركب، أي " عظيم الركبة، وركبته: أصبت ركبته،