للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن قيل: ما وجه قوله: (وَاتَّقَى) بعد قوله: (مَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ)؟

قيل: فيه وجهان: أحدهما: أي يجُعلُ التقوى عامًّا، وإذا جعلت

التقوى خاصَّا فلأنها هي المقصودة.

إن قيل لِمَ: (يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ)، ولم يقل: يحبهم؟

قيل: تنبيهًا أن محبته إياهم لأجل التقوى، فإنك إذا

قلت: جاءني يزيد الظريف فأكرمته، لم يقتضِ صريح اللفظ أن

إكرامك إياه لظرفه، وفي الآية تنبيه على قياسٍ نتيجتُه أن الله تعالى لا

يحبُّ اليهود بوجهٍ، وبيانه أن الله يحب المتقين، ومن لا يوف بعهده

أفليس بِمُتَّقٍ، واليهود غير موفين، فإذن لا يحبُّهم الله.

قوله عز وجل: (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللَّهِ وَأَيْمَانِهِمْ ثَمَنًا قَلِيلًا أُولَئِكَ لَا خَلَاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلَا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ وَلَا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ (٧٧)

عهد الله متضمن

لكلِّ عهد عَهِد إليهم بما ركبَّه تعالى في عقولهم، وما عهد إليهم على

لسان أنبيائهم، ولما أخذه الإِنسان على نفسه من أمرٍ التزمه بنذرٍ، أو

يمين، أو حلف، أو عقد مما لا يلزمه من جهة الشرع بغير التزام،

<<  <  ج: ص:  >  >>