الحاجة إليها أمس، ومنعها للمضرة أجلب، [خُصا بالضمير]، وقوله:(كَبِيرَةٌ) اي: كبيرة القدر، أو ثقيلة على النفس، بالإضافة إلى غيرها من العبادات وزائدة عليها، فإنها لا تصح إلا ببذل مال ما جار مجرى الزكاة فيما يستر به العورة، ويطهر به البدن، وإمتساك في مكان مخصوص يجري مجرى الاعتكاف، وتوجه إلى الكعبة يجري مجرى الحج، وذكر لله ولرسوله يجري مجرى إظهار الشاهدتين للإيمان، ومجاهدة في مدافعة الشيطان سارية مجرى الجهاد، ومساندة عن الأطيبين جار مجرى العموم، وفيها ما ليس في العبادات الآخر من وجوب القراءة، وإظهار الخشوع، والركوع والسجود، وغير ذلك، ولهذا عظم النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرها، فكان آخر ما أوصى به عند وفاته:" الصلاة، وما ملكت إيمانكم "، وجعل بقولها وما يفيض بها لسانه.
قد تقدم الكلام في الظن، وأنه أعم ألفاظ الشك واليقين، وأنه اسم لما تحصل عن أمارة متى قويت أدت إلى العلم، ومتى ضعفت حداً لم يتجاوز حد الوهم، [وأنه متى قوي استعمل معه أن المشدةة، و " أنْ " المخففة منها]، ومتى ضعفت استعمل معه " أن " المختصة بالمعدومين من الفعل نجو " ظننت أن خرج، وأن يخرج " فالظن إذا كان بالمعنى الأول فمحمود، وإذا كانت بالمعنى الثاني: فمذموم، والآية من المعنى الأول والمعنى الثاني كقوله:{وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَظُنُّونَ}، وقوله:{وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا}، وعنى بلقاء الله " الموت " وبالرجوع إليه " الثواب والعقاب "، وتخصيص ذكر الظن ها هنا إعلام بأنهم في كل حال لا يأمنون الموت، ولو كان بدله العلم، [لم يصح على الوجه] الذي يصح فيه الظن، لأنك تقول: " أظن أني أموت في كل حال، وأما قوله {أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ}، فهو نهاية في الذم، ومعناه: ألا تحصل لهم أمارة تنبههم على التفكر في ذلك - تنبيهاً