للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - عز وجل -:

{أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} الآية (١٤٠) سورة البقرة.

قوله: {أَمْ تَقُولُونَ} معطوف على قوله (أتحاجوننا) - أم تدعون أن الأنبياء كانوا على دينكم تنبيها أنه من المحال أن يكون المتقدم مقتدياً بالمتآخر ومستند بسنته، ومن قرأ بالياء فوجه العدول فيه من الخطاب إلى الإخبار استجهالاً لهم بما كان منهم من هذه الدعوة كما يفعل العالم من الإعراض عمن يخاطبه بعد ارتكابه جهالة شنيعة إلى غيره، واحتج عليهم بمقدمتين فقال: أنتم أعلم أم الله أي قد بينت أن الله أعلم منكم، وبينت أنه ليس بغافل عما تعملون وقد كتمتم الشهادة عنها، ومن كتم من الله شهادة عنده مع كون الله بهذا الوصف فهو أظلم الخلائق، فهدا تبكيت لهم في كتمانهم أحوال النبي- عليه السلام- وسائر الأنبياء واحتج عليهم بما لا انفصال لهم عنه، وقوله: {مِنَ اللَّهِ} على هذا متعلق بقوله:، {كَتَمَ} وقيل؟ إنه متعلق بقوله شهادة، أي من كتم عن الناس شهادة مصدرها من الله - عز وجل، وقيل: في الآية قول أخر، وهو أن قوله: {مِنَ اللَّهِ} يتعلق بقوله " أظلم " وقوله {مِمَّنْ كَتَمَ} من جمله الذين كتموا وتقدير هذا التأويل قد ثبت أن الله - عز وجل- أعلم منكم، وقد حكم أن الشهادة كتمانها عصيان بقوله: {وَمَنْ يَكْتُمْهَا فَإِنَّهُ آثِمٌ قَلْبُهُ} فكأنه قيل: من أظلم من الله من الذين كتموا الشهادة إن كان الأمر على ما ذكرتم ولم يخبركم،.

وهذا كقولك: من أظلم ممن يجور على الفقير من السلطان أي لا أحد أظلم منه إدا ظلمه، وعلى هذا يكون قوله: {وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ} على سبيل التهديد لهم.

<<  <  ج: ص:  >  >>