{وَلَا تَكْفُرُونِ} نهيأ عن الكفر المطلق، وذلك معنى [زائد على قوله (واشكروا لي) وقدم قوله] {وَاشْكُرُوا لِي} وأخر قوله: {وَلَا تَكْفُرُونِ} تنبيها على أن ترك الشكر كفران ...
إن قيل: فلم قال: (ولا تكفرون) ولم يقل (ولا تكفروا لي)؟ قيل: لأنه يقتصر من العبد على شكر نعمه، ولا يقتصر منه على أن لا يكفر نعمه، بل نهى عن الكفر به أكثر مما نهى عن كفر نعمه، إذ قد يعفو عن كفر بعض النعم ولا يعفو عن الكافر المطلق. . . قوله - عز وجل -:
قد تقدم الكلام في الصبر والصلاة وأنواعهما، فحث الله تعالى على الصبر، إذ هو ذريعة إلي فعل كل خير ويبدأ كل فضل، فإن أول التوبة الصبر عن العاصي، وأول الزهد الصبر عن مناجاة الدنيا، وأول الإرادة الصبر على طلب ما سوى الله، ولهذا قال عليه السلام:(الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد)، وقال:(والصبر خير كله) والصلاة هي المقتضية للخشوع والداعية إلي ترك الفحشاء قال تعالى: {إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ} ولا أمر بالذكر والشكر حث على الاستعانة بالصبر والصلاة - تنبيهاً أنه بهما يتوصل إليه، فإن الصبر مبدأ الإيمان، والشكر منتهاه ولهذا قال عليه السلام:" الصبر نصف الإيمان " ثم قال: {إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} فضمن صحبته إياهم تنبيهاً على قرب فيضه وتوفيقه، كما قال: