للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكل ذلك أمثلة منهم لحكمه وسبب النزول هذه الآية لا أنه لم يرد بها غير ذلك، يبين دلك أنه قال: مساجد بلفظ الجمع، وقوله: {مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ} لفظه خبر، ومعناه منطوٍ عليه وعلى الأمر، فإن بيوت الله- عز وجل ممنوعة عن الكفار في دار الإسلام إلا بإذن، ويكونون خائفين، والحكم أن لا يمكنوا إلا بشرط حاجة تقتضي ذلك، ثم ثبت لهم الخزي في الدنيا، وذلك تارة بالهوان الذي يجري عليهم، وتارة بأخذ الجزية منهم، وقتلهم، والسبي، منهم، ومنعهم عن كثير مما يباح للمسلم، وإليه نظر قتادة وجماعة وفسروا به، وتارة بالهوان الذي يلحقهم في أنفسهم من جنبهم وجزعهم وخوفهم وسائر الآفات النفسية وتارة من حيائهم من عقلهم لاضطراب نفوسهم وقلوبهم وقلة سكونهم لما اختاروه، وإلى ذلك أشار تعالى بقوله: {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ}.

قوله - عز وجل -:

{وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ وَاسِعٌ عَلِيمٌ}

الآية (١١٥) - سورة البقرة.

المشرق والمغرب تارة يقالان بلفظ الواحد إما إشارة إلى ناحية الأرض، وإما إلى المطلع والمغيب، وتارة بلفظ التثنية إشارة إلى مشرقي ومغربي الشتاء والصيف، وتارة بلفظ الجمع اعتباراً باختلاف المغارب والمطالع كل يوم، وشرقت الشمس طلعت، وأشرقت: أضاءت وذلك إذا كثير شروقها، وشرقت اللحم: ألقيته على الشمس المشرق، والشرف الصلب لأنه يقام فيه صلاة [العيد] عند شروقها، وشرق الثوب بالصبغ تشبيها بلون الشرقة، والغروب للشمس تصور منه بعد ذهابها عن العمارة، فيقال لدى تباعد غروب، ومنه الغروب لكونه مبعدا في الذهاب، وغارب السنام لبعده عن المنال، وغرب السيف أبعد جزء من صحيفته، ثم تصور منه حدته، فقيل لسان غرب وسمي الدلو غرباً

<<  <  ج: ص:  >  >>