قيل: بين في الأول فضله على الناس بما خصهم به من الفضائل الإنسانية، وبين ها هنا نعمته على جميع العالمين، والحيوانات، والروحانيات، والجمادات، فإن العالمين يتناول كل ذلك، وإلى نحوه أشار بقوله:{وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ}.
إن قيل: ما فائدة قوله: {وَإِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ} في هذا الموضع؟ وهل خفي ذلك عليه حتى يذكره به؟ وما تعلق ذلك بما قبله؟
قيل: يجوز أن يكون تقديره (وإنك لمن المرسلين بها)، لكن لفظة بها إيجاز، أو يجوز أن تكون الآية متقدمتين محذوفتي النتيجة على تقدير: إذا كان حال المرسلين وأممهم ما نتلوه عليك، وأنت مرسل إلى قومك كما أرسل المرسلون إلى قومهم، فلا عجب أن تجري مع قومك مجرى أمرهم مع قومهم، والإشارة بذلك إلى معنى قوله:{وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْبَاءِ الرُّسُلِ مَا نُثَبِّتُ بِهِ فُؤَادَكَ} وقوله: {فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ}.
إن قيل ما فائدة اقتران التلاوة بالحق؟
قيل: قوله: بالحق في موضع الحال، كأنه قال: وهو الحق، وعلى تحمل عندي قوله: رب أحق بالحق.