واللاعنون: قيل هو عام في الملائكة والناس ودواب الأرض، وما روي أنه تلعنهم الهوام فتقول:(منعنا القطر بمعاصي بني آدم)، فذلك تنبي أحوالها أنهم مستحقون من الله اللعن، فكأنه ناطقة بذلك كقولك لمن رأيت له أثرا قبيحاً على فرسه:" إن فرسك تشكوك وتلعنك "، وعلى ذلك قول الشاعرفي ناقته:
يقولُ إذا ادَرَأتُ لها وضيني ...
أهذا دينُهُ أبداً وديني
وأما ما يتصوره بعض الناس في أن يكون للهوام تمييز ولعن بالقول، فذلك ممتنع بوجه مخصوص ليس هذا موضع شرحه.
لما كانت التوبة استدراك ما ارتكب من المآثم بما يغمره هن أفعال الخير على ما تقدم ذكره، فمن يكتم البينات والهدى عن الناس فإنه مع جنايته في نفسه أفسد الناس ومنع حقهم، فإذن لا يكفيه من التوبة أن يغير نيته بالندم والعزم على أن لا يعاود مثله حتى يصلح ما أفسده بقدر طاقته ويظهر ما كتمه، كما أن من غصبه مالاً يكون موفياً حق التوبة حتى يرد ما غصبه، وضمن تعالى
أنه يتوب عليهم إذا فعلوا ذلك وبين بقوله:{وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ} أنه ليس يفعل ذلك بهم فقط، بل يتوب على كل تائب، ولمي حق توبته ويرحمه.