للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قوله - عز وجل -:

{قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ وَلَا تَسْقِي الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَا شِيَةَ فِيهَا قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} الآية (٧١) سورة البقرة.

الإثارة.

البحث والكشف الشديدة ومنه ثار الدخان والغبار والقطاعن محثمها، والدم في وجه الإنسان والحصبة في البدن، وتورث الأمر، وقوله: {تُثِيرُ الْأَرْضَ} صفة لقوله: ذلول، لأنه يراد نفي الإثارة عنها لا إثباتها لها، والحرث تذليل الأرض وتسهيلها للزراعة، ثم يتجوز به في الزراعة، ويكنى به عن النكاح وعن جميع المال، ويقال: دابة محروثة أي مذللة، والمحراث لما يحرث الزرع والنار، والمسلمة المتروكة سليمة من العاهات، وأصل ذلك من السلامة، والتسليم أصله بذل السلامة، وجعل

في التعارف لبذل المقاله المخصوصة لما كان ذلك في الأصل موضوعاً لبذل السلامة، ولما كان قوله السلام مقتضية لذلك، قال عليه السلام: " أفشوا السلام بينكم تدخلوا جنة ربكم " ولم يرد بذلك المقال دون الفعال وإن كان ظاهره المقال، ولهذا ضمن به الجنة، وقوله: {لَا شِيَةَ فِيهَا} أي، لا أثر بها يخالف معظم لونها، وهي فعلة من الوشى، واستعمل الوشى في الكلام بالمنسوج وحض التقول على سبيل النميمة بالوشاية والمجئ والإتيان يتقاربان، لكن المجئ كأنه يقال باعتبار الحصول والإتيان باعتبار القصد، ولذلك قيل للماء المجتمع حية، وللسيل القاصد أتى، وقوله: {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} لا يتضمن أن ما جئت به من قبل كان باطلاً، وإنما أرادوا الآن جئت بما تحققنا المال مناً، وليس كما قال بعض الناس إن القوم كفروا بذلك، لأن كلامهم تضمن أن موسى لم يكن يأتي بالحق قبله، والنفي في قوله: {وَمَا كَادُوا يَفْعَلُونَ} وإن دخل في لفظ " كاد "، فهو متناول لقوله يفعلون نحو: ما كان زيد

<<  <  ج: ص:  >  >>