للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقد قيل: إن قوله: " لا جناح " كلام تام، وإن قوله: (عليه أن يطوف) استئناف يقتضي الوجوب، وقرئ (يطوع) على تقدير " يتطوع "، وبين بقولها: (فمن تطوع) أي من زاد على ذلك، فإن الله عز وجل- يبينه فشكر الله- عز وجل- للعبد الإحسان إليها وقد تقدم أن الشكر كما بالقول يكون بالفعل، وعلى ذلك قوله عز وجل: {اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا}، وليس شكر الأرفع للأوضع إلاً بقبوله حمده والإفضال عليه بذلك. . . قوله - عز وجل -:

{أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ}

الآية (١٥٩) - سورة البقرة.

اللعن الإبعاد على وجه الطرد، وصار في التعارف دعاء إذا قيل: لعنه الله والبينة والهدى وإن كانا متلازمين فإنهما مختلفان، فإن البينات يشار بها إلى الآيات المنزلة والهدى إلى ما يستدل به من الأمارات، وقيل: الأمة في أهل الكتاب العالمين أمر النبي عليه السلام، وقيل: هي عامة، وسواء خصت الآية أم لم تخص، فحكم الله عام في أن من كتم علماً عن مستحق له استحق العقوبة، وعلى هذا قال عليه السلام: " من سئل عن علم فكتمه ألجمه الله بلجام من نار " وليس ذلك بمناف يقول من منع حقائق الحكمة عمن لا يستحقها، فإن ذلك دعاء له أن يترشح لقبولها وحسن سماعها وحفظها لئلا يستعين بها في طريق السر، فليس العلم بأهون على الله- عز وجل- من المال الذي هو عرض حاضر يأكل منها البر والفاجر، وقد منع أن يمكن منه السفيه الذي لا يحسن مراعاته، فقال:

<<  <  ج: ص:  >  >>