قوله - عز وجل -: {الْحَمْدُ لِلَّهِ}: الآية (٢) سورة الفاتحة.
الحمد: هو الثناء بالفضيلة.
والشكر: مقابلة النعمة قولاً وعملاً.
ولما كانت النعمة لا تخرج من كونها فضيلة، صار الحمد منطوياً على معنى الشكر، فكل ذكر حمد، وليس كلُّ حَمْدٍ شكراً.
ولكون الحمد أعم قال ابن عباس - رضي الله تعالى عنهما: طالحمد هو الشكر لله والاستخذاء والإقرار بنعمه "، وقال عليه السلام " الُحَمُد رَاْسُ الشُْكِرْ، ومَاَ شَكَر الله عَبْدَ لَمْ يَحْمَدْهُ "، ولذلك قيل: الحمد لله شكراً ولم يقل: شكرت الله حمداً، ولكون الشمر بالفعل كما يكون بالقول، قيل: دابة شكور، إذا ظهر سمنها بأدنى علف لها، وقال تعالى:{اعْمَلُوا آلَ دَاوُودَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ}.
وأما الفرق بين " الحمد و " المدح ": فالحمد أخص، إذ لا يستحق إلا بالفعل الاختياري، والمدح قد يستحق بما يكون من قبل الله تعالى، يقال: فلان ممدوح على جوده ومحمود.
وممدوح على حسنه، ولا يقال محمود.
والمدح: أكثر ما يقال في الأشياء النافعة التي لم تبلغ الغاية، كالثروة والجلادة، والجود، والحمد يقال في ذلك، وفيما فوقه، فيقال: الجود محمود.
والله تعالى محمود.
وقل ما يقال: الله ممدوح.
ودخول الألف واللام في " الحمد " للجنس، تنبيهاً أن الحمد كله في الحقيقة لا يستحق سواه، وإن كل حمد لغيره فهو عارية له.
والله تعالى هو المستحق له في الحقيقة، إذ هو سبب كل نعمة وخير، ولذلك قال تعالى:{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ}،
إن قيل: لِمَ لَمْ يَقُلْ: الحمد لي؟ قيل: لأن ذلك تعليم منه لعباده، كأنه قال: