النكاح اسم للعقد، واستعير للجماع بدلالة أن عامة أسماء الجماع كنايات، وأنهم يتحاشون النكاح من التصريح بذكر الجماع، وآلاته، كما يتحاشون من إظهاره حتى سموا ذلك العضو " السوءة "، ولم يستعيروا اسم الجماع وآلاته إلا فيما يقصدون به سبعة، نحو: شَوَّرَبِهِ إذا خجله وجعله بحيث كأنه أبدى شواره، والشوار مع ذلك كناية للفرح، وبهذا يعلم أن النكاح وفي اللغة مستعار للجماع، والنهي عن نكاح المشركات عام فيمن ليس من أهل الكتابة ولم يدخل في ذلك أهل الكتاب لقوله:{وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}،
فإن قيل: فقد قال تعالى: {لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ}، الآية، والنكاح يجب المودة لقوله:{أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}، وقد نهانا عن مودتهم، فيجب أن لا نواصلهم!
قيل: المودة النهي عنها هي الدينية لا المودة النفعية أو الشهوية، فإنا إذا أوددناهم لنفع ما، فإنما نود النفع كمودتنا لذمي يعيننا على مدافعة المشركين، فقوله:{يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ} عنى بها المودة الدينية،
فإن قيل: ما قلت يقتضي أن يجوز نكاح المشركات؟ قيل المشرك مادام مشركاً، فنفسه مباحة، والمشركة غير مالكة لنفسها، وفي قوله:{وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ} إشارة مجملة إلى فضل العبد المؤمن على العبد المشرك وبيان فضيلته يحتاج إلى مقدمة، وهي أن الشيئين