قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ بَدَّلُوا نِعْمَتَ اللَّهِ كُفْرًا وَأَحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ الْبَوَارِ} وقيل: لم يدخل في الإسلام منهم إلا نفر لا يدري هل حصل لهم الإيمان الموصوف في قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا}
فإن قيل: إذا علم أنه لا ينجع فيهم الإنذار، فما فائدة حث النبي - صلى الله عليه وسلم - على إنذارهم؟
قيل: قد بين الله تعالى في الآية ما هو تنبيه على الجواب عن ذلك، لأنه قال:" سواء عليهم "، ولم يقل: عليك، ليبقى للنبي فضل الإنذار والسعي، ففي إبلاغه فائدتان: فائدة له في استحقاق الثواب لما تكلفه من المشاق، وفائدة لهم أن قبلوا، فهم وإن حرموا فائدة القبول، فإنه - عليه السلام - لم يحرم فائدة الإبلاغ، وعلى ذلك قال:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} تنبيهاً على هذا المعنى، وقال فيما خاطب به الكفار وذمهم لعبادتهم الأصنام {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} فقال عليكم لما كان ذلك راجعاً إلى الداعين دون المدعوين وخبر أن يصح أن يكون قوله: {لَا يُؤْمِنُونَ} وقوله: {سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ} مع خبره اعتراض في موضع الحال، ويصح أن يكون الجملة التي هي سواء عليهم مع خبره خبر " إن " وقوله: {لَا يُؤْمِنُونَ} حال مؤكدة، أو تفسير لذلك، لأنه إذا قيل:{سَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ} لا يعلم من ظاهره أن هذا الاستواء هل هو في: " أن يؤمنوا " أو في " أن لا يؤمنوا " فبين ذلك
الختم، والطبع الأثر الحاصل على نقش، وتجوز به في أمور، يقال:" ختمت كذا " في الاستيثاق من الشيء والمنع منه - نظراً إلى ما يحصل من المنبع بالختم على الكتب والأبواب، ويقال ذلك، ونعني به تحصل أثر نظر إلى النقش الحاصل عن الطابع إذا طبع، ويقال ذلك ونعني به بلوغ أخر الشيء - نظراً إلى أنه أخر فعل يفعل في إحراز الشيء منه، ومنه قيل:" ختمت القرآن " ويقال ذلك لما يستدل به إلى الشيء نظراً إلى ختم المناشر المستدل به على منشيها، وأما المراد من الآية، فقد قيل: " للإنسان بالقول المجمل ثلاثة