للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقوله - عز وجل - {كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنْتُمْ أَمْوَاتًا فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} الآية: (٢٨) - سورة البقرة.

كيف: ههنا استخبار لا استفهام، والفرق بينهما أن الاستخبار قد يكون تنبيهاً للمخاطب وتوبيخاً ولا يقتضي جهل المستخبر، والاستفهام بخلاف ذلك، فكل استفهام استخبار، وليس كل استخبار استفهاماً، والحياة: يستعمل على أوجه، يقال للقوة النامية في النبات والحيوان حياة: ومنه قيل نبات حي إذا كان نامياً، وعلى ذلك قوله تعالى: {اعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا} وقوله عز وجل: {وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَيْتًا} والثاني: للقوة الحساسة الحاسة، وبه سمي الحيوان حيواناً، والثالث: للقوة المختصة بالإنسان من العقل والعلم والإيمان، وذلك لكونها سبباً للحياة الأبدية، وعلى ذلك قوله تعالى: {أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا} وقوله: {اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} وعلى نحوه قوله:

وقد أسمعت لو ناديت حيا ...

ولكن لا حياة لمن تنادي

والموت: يستعمل في فقد كل واحدٍ مما تقدم، وأما وصف الباري - جل ثناؤه - بالحي، فليس يتصور منه مقابله الموت، فإنه تعالى الدائم الباقي الذي به حياة كل حي، ومعنى الآية: قبل " كنتم أمواتاً " أي: تراباً ونطفة، فأحياكم، بأن أنشأكم وخلقكم ثم يميتكم الموت المعروف، ثم يحييكم يوم ينفخ

<<  <  ج: ص:  >  >>