البعث إرسال المبعوث عن المكان الذي فيه، لكن فرق بين تفاسيره بحسب اختلاف المعلق به، فقيل: بعثت البعير [من] مبركه، أي: أثرته، وبعثته في السير، أي: هيجته، وبعث الله الميت: أحياه، وضرب البعث على الجند إذا أمروا بالارتحال، وكل ذلك واحد في الحقيقة، وإنما اختلف لاختلاف صور المبعوثات، والموت حمل على المعروف وحمل أيضا على الأحوال الشاقة الجارية مجرى الموت، وليس يقتضي قوله:{فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ} انهم ماتوا، ألا ترى إلى قوله تعالى:{وَخَرَّ مُوسَى صَعِقًا} لكن الآية تحتمل الأمرين، وحقيقة ما كان إنما يعتمد فيها على السمع المتعري عن الاحتمالات والكلام في {لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} قد تقدم، ونبه بالآية على أنه تعالى ينقذ من الشدائد عبده حالاً فحالاً تنبيهاً له من غفلته وإليه أشار بقوله:{أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ} ..
الظل في الحقيقة عدم الصبح وسمي سواد الليل ظلاً لعدم الصبح فيه والظلة كالصفة، والمظلة آلة يطلب بها الظل، و " أظل فلان علينا حقيقته " ألقى ظله علينا لدنوه منها واستعير الظل للمكان الذي فيه النعمة تصوراً له في اليوم الصائف حتى قيل: فلان في ظل فلان، وقد أشار ابن عباس - رضي الله عنهما - إلى أن [الغمام] ههنا فيض الباري - عز وجل - وتوفيقه وإحسانه، فقال: هذا الغمام