المس واللمس والحس والجس تتقارب، إلا أن الحس عام في المحسوسات والجس فيما يخفى ويدق كنبض العرق والخبر الخفي، واللمس بظاهر البشرة، وكل ذلك يقال عند تأثير المحسوس في المس وبغيره لأجله، واللمس كالطلب للمس، وقد ينفك منه، ولذلك قال:" وألمسه فلم أجده "، وجعل المس كناية عن النكاح تارة، وعن الجنون تارة، فقيل: بفلان مس، وهو ممسوس، والمسوس من الماء ما مسته الأيدي، ولا كانوا كل وعد عقداً ما وكل عقد عهداً ما كان كل وعد عهداً، فصح أن يعبر عن
الوعد بالعهد، ولكونه وعدأ استعمل منه الإخلاف، ومعدودة قليلة ووجه ذلك أنه لما كان المعدود ضربين، ضرباً قليلاً يسهل عده (وإحصاؤه) وكثيرة لا يسهل عده، وكانت الأعراب يقل فيهم الحساب وقوانين الحساب، تصوروا الكثير متعذر العد، والقليل متيسر العد، وقالوا:" شي معدود ومحصور أي قليل وغير معدود، ومحصور أي كثير.
ووجه الآية أن اليهود اختلفت، فبعض قال نعذب بعدد الأيام التي عبد أصحابنا فيها العجل، وبعض قال: مدة الدنيا سبعة ألاف سنة وإنما نعذب مكان كل ألف
سنة من الدنيا يوما من الآخرة، وبعضه قال: إنما بين طرفي جهنم أربعون سنة، وإذا خلاً العدد انقضى الأجل ولا عذاب، فبين الله تعالى أن زعمكم أنا نعذب أياما معدودة ولا طريق للعقل إلى معرفة ذلك، وإنما سبيل معرفته الإخبار عنه تعالى.
جده-، وإخباره بذلك وعد، ووعده عهد، وما كان به من الله- عز وجل من عهد فلا خلف فيه، وقد تبت أنه لا عهد له بذلك، فإذا ليس هو إلا تقولاً منكم على الله بما لا تعلمون، فبين بلفظ الاستفهام كذبهم فيما زعموا، وقوله: " عند الله "، أي في حكمه على