وقيل: الإسلام، وقيل: سنة النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا كله إشارة إلى شيء واحد وإن اختلفت العبارات.
والثاني أن طريق النجاة بإضافة بعضها إلى بعض كثيرة، ولكن بعضها أقصد، وبعضها أبعد، وأقصد الطرق الطريق المستقيم الذي هو طريق السابقين دون طريق المقتصدين الظالمين وإن كانا مؤديين إلى النجاة أيضاً، ولكنهما أبعد, ألا ترى أنه قال تعالى:{ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} - الآية - فجعل ثلثهم مصطفين، ولكون بعض الطرق أقرب من بعض، قال النبي عليه السلام في قوم: " إنهم يدخلون الجنة قبل آخرين بكذا سنة).
قوله - عز وجل -: {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ}: الآية (٧) - سورة الفاتحه.
الإنعام: إيصال الإحسان إلى الغير، والنعمة - يقال فيما يرتضيه العقل وإن كان كريه المحتمل - والنعمة - قد يقال فيكا يستلذه الهوى، وإن كان كريه العاقبة - هذا هو الحقيقة، وإن كان قد يعد الإنسان بسوء تصوره بعض ما يستلذه هواه نعمة وإن كان وخيم العقبى.
ونعمة الله، وإن كانت لا تحصى، كما قال تعالى:{وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا} فهي بالقول المجمل ضربان دنيوي وأخروي.
فالدنيوي ضربان موهبي ومكتسبي.
فالموهبي: ثلاثة: أشرفها: العقل وقواه من الفهم والحفظ والفكر والنطق.
ثم البدن: وقواه من الصحة والقوة والجمال والكمال.
ثم ما يكنفه من الخارج كالماء والجاه والأقارب والأصدقاء.