أصل بشرته تلقيته مني ببشرة ووجه طلق، وذاك أن من شأن من أتى بخبر سار أن يكون طلق الوجه، ومن أتى بخبر بخلافه يكون عابس الوجه وقيل معنى بشرته: أطلقت بشرته بما أخبرته فإن من ناله سرور، طار دمه منتشراً في صفحة وجهه، ومن ناله سوء يقيض دمه فاصفر أو اسود وقيل: بشرتهك أظهرت له خبراً دلت بشرته على المسرة به، أي ظاهره فاستعير لظاهر الخبر البشرة وذلك لكثرة ما يدل وجه الشيء على باطنه
فإن قيل: فإن كانت البشارة للأخبار السارة، فما وجه قوله تعالى:
{فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ}؟ قيل إن مثل ذلك قد يستعمل على سبيل التهكم نحو:
" تحية بينهم ضرب وجيع "
تنبيهاً أن السار لهم الإخبار بالعذاب الآليم، فما الظن بما وراءه؟ والإيمان لما كان في الأصل للتحقيق والتصديق، قيل: ما ذكره الله تعالى إلا قرن به الأعمال الصالحة، تنبيهاً أن الاعتقاد لا يغني من دون العمل، فالعلم أس والعمل بناء، ولا غناء للأس ما لم يكن بناء كما لا بناء ما لم يكن له أس ولذلك قيل:" لولا العمل لم يطلب علم "، ولولا العلم لم يكن عمل، فإذا حقهما أن يتلازما والجن: أصله المستر عن حس البصر وسمى الجن لاستتاره عنه، ثم اشتق من الجن، فقيل جن فلان، وبنى على فعل نبأ " عامة الأدواء نحو: