الإنباء: إخبار فيه إعلام، وهو متضمن لهما ولذلك كل إنباء أخبار، وليس كل إخبار إنباء، وكل نبأ علماً وليس كل علم نبأ ولكونه متضمناً لهما، ومشتملاً عليهما أجري مجرى كل واحد منهما فقيل أنبأته بكذا كقولك أخبرته وأنبأته بكذا، كقولك أعلمته كذا، ولا يقال:" نبأ " إلا لكل خبر يقتضي العلم كالمتواتر، وخبر الله تعالى، وخبر الأنبياء [عليهم السلام] وما جرى مجراها، وسمى النبي لكونه منبئاً بما تسكن نفسه إليه، ومنبأ بما سكن المؤمنون إليه فهو أصح من أن يكون فعيلاً بمعنى فاعل وبمعنى مفعول، أما بمعنى الفاعل، فلقوله:{نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} وقوله {أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ} وأما بمعنى المفعول فلقوله: {نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ} وشرح هذه الآية لابد أن يبين فيه كيف كان تعليم الله آدم الأسماء، وهل فيه دلالة على أن اللغات توقيف أو أوائلها إصطلاح؟ وأنه هل علمه الأسماء دون المعاني؟ أو علمه إياها جميعاً؟ وما في ذلك مما تنبه الملائكة على خطئهم فيما توهموه وقالوه حتى رجعوا عن دعواهم واعتقادهم وأذعنوا للاستسلام؟ فنقول وبالله التوفيق: إن الناس اختلفوا في اللغات، فذهب بعض المتكلمين إلى أن أوائلها اصطلاح، والباقي يصح أن يكون توقيفاً، واستدل على ذلك بأنه لا سبيل إلى معرفة مراد الله تعالى إلا بالخطاب، ولا يصح أن يكون العلم بمراده ضرورة والعلم بذاته مكتسباً لأن ذلك مؤد إلى أن تعلمه ضرورة أن العلم بمراده فرع على العلم بذاته فلا يصح أن يكون العلم الخفي ضرورياً والجلي