والثاني: هو الذي قال عليه الصلاة والسلام لعلي: " يا عليُّ: إذا تقرب الناس إلى خالقهم بالصلاة والصوم، فتقرب إليه بانواع العقل تسيقهم بالدرجات والزلفَى عند الناس في الدنيا، وعند الله في الآخرة " فهذا الثاني هو العقل المشار إليه بقوله تعالى: {لعلكم تعقلون}، وهو في الحقيقة الإيمان والتقوى والإخلاص.
رأيت: تتعدى نفسه دون الجار، لكن لما استعير قولهم {أَلَمْ تَرَ} لمعنى: (ألم تنظر) عدى تعديته وفائدة استعارته أن النظر قد يتعرى عن الرؤية، فإذا أريد الحث على نظر ناتج لا محالة للرؤية استعيرت له، وقل ما استعمل دلك في غير التقرير، ولا يقال: رأيت إلى كذا، وكما أن الرؤية ضربان، رؤية بصر، ورقية بصيرة، كذا أيضا النظر والإبصار، وألوف جمع ألف كشخوص، وعيون وقيل جمع ألف كحمول، وحلوم، وروي في الخبر أن قوماً من بني إسرائيل خرجوا من ديارهم- تفاديا من الطاعون فأماتهم الله، ثم أحياهم ليعرفهم عيانا تحقيق مادل عليه قوله:{قُلْ لَنْ يَنْفَعَكُمُ الْفِرَارُ إِنْ فَرَرْتُمْ مِنَ الْمَوْتِ أَوِ الْقَتْلِ} وقوله: {أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ} وقوله: {إِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ