وذم الله (بني إسرائيل) في التزامهم الرهبانية، ثم قصروا فيها، والثاني: أنهم لم يلزموا القتال كما يجب أن يلزم، فإن المقاتلة في سبيل الله يجب أن لا يكون لها سمعة واجتلاب ثناء أو شفاء مغيطة وكذا يجب أن تكون سائر الأفعال المحمودة وهم لما قالوا:{وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ} قصدوا شفاء الغيظ لا ائتمار الرب، فعلم أنهم لا يصبرون في مواطن الحق على ما يجب.
إن قيل: لم أدخل (أن) في قوله: {وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ} ولم يدخله في قوله: {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ}؟
قيل: إن قولك (مالك، ومالنا) تجئ مرة للإنكار وعليه قوله: {وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ} في موضع الحال نحو قوله تعالى: {فَمَا لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ} والثاني بمعنى: (ما منع) وعليه هذه الآية، فلابد إذن من " أت لا " تقديره: (ما منعنا من ترك القتال قال أبو العباس: " ما: نفي ها هنا، كأنه قيل: ليس لنا أن لا نقاتل " وقال الأخفش: أن زائدة، ويجوز أنه أدخل (أن) في قوله: ألا نقاتل لكون القتال مستقبلاً، ولم يدخل في قوله:{وَمَا لَكُمْ لَا تُؤْمِنُونَ} لكونه حالاً، لأن " أن " لأحد المعدومين ..
كان بنو إسرائيل اعتقدوا أن الملك يستحق بالوراثة وكثرة المال، وكان فيهم أسباط ملوك، فلما أنبأهم نبيهم أن الله بعث لهم طالوت ملكاً، ولم يكن من بيت الملك، ولا كان ذا مال، استعظموا، فراجعوه وقالوا:{أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا} وكان ذلك منهم خطأ من وجهين: