في الصور، " ثم إليه ترجعون أي تردون إلى دار الثواب والعقاب، وذلك نحو قوله:{رَبَّنَا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ وَأَحْيَيْتَنَا اثْنَتَيْنِ} ونبه بمثل هذه الآيات على أن القادر على الابداء، قادر على الإعادة، كما قال:{وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ} وقال بعض أهل الحقائق: الآية خطاب للمؤمنين، ولا على الإنكار بل على تعظيم المنة عليهم وتبعيد الكفر منهم بعد تحققهم بالإيمان، فقد قيل: " ما رجع من رجع إلا من الطريق، أي: لا ينكر الله أحد بعد تخصصه بالمعرفة الحقيقية، وإنما يرتد ويتشكك من لم يبلغها، فمحال أن يصير العارف جاهلاً، وليس بمحال أن يصير الجاهل عالماً، فيقول:" كنتم أمواتاً " أي جهالاً فأحياكم بما أفادكم من العقل ورشحكم له من العلم، كما قال:{أَوَمَنْ كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ} وهذا أعظم أعجوبة، وأولى بالاعتبار به والتنبيه عليه لمن ألقى السمع وهو شهيد، ثم قال:(يميتكم) الموت المعروف الذي لا يجب أن يتكادكم ثم يحييكم الحياة الحقيقية، ثم تثابون الثواب الذي لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر.
الاستواء: طلب السواء، أي المساواة، وسمي وسط الشيء سواء، لتساوي مساحة الجوانب كلها إليه، وقيل للعدل سواء لكونه وسطأً للظلم والانظلام،
إن قيل: قوله تعالى: (خلق لكم ما في الأرض جميعاً) يقتضي أن كل ما في الأرض خلق لأجل الإنسان، والانتفاع به، ومعلوم أن في الأرض كثيراً مما لا ينفع للإنسان فيه، بل فيه المضار كالحيات والعقارب، (والسموم) والأشرار من الناس، قيل: الأشياء الضارة في الظاهر لكل نوع منها خاصة فيها نفع للإنسان أو نفع لما فيه نفع للإنسان،