مفاعلة متضمنة لمعنى المساواة بين المخاطب والمخاطب، فأمروا بتوقيره، كما قال {لَا تَجْعَلُوا دُعَاءَ الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاءِ بَعْضِكُمْ بَعْضًا}، وكقوله:{وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ}، وذلك عن ابن عباس- رضي الله عنه-، وروي عن مجاهد أن معناه: لا تقولوا خلافاً ويكون من الرعن، وأسترذل هذا الوجه، لأنه لو كان كما قال لكان في القراءة رعناً بالتنوين.
الود: محبة الشر مع تمنيه، ولما كان لهما استعمل في كل واحد منهما، فقيل: وددت فلانا إذا أحببته، وددت الشيء إذا تمنيته، وأصل الاختصاص الخصاص وهو فرجة بين الشيئين، ومنه الخُص لبيب من قصب لما فيه من الفرج، وسمي انثلام الحال خصاصاً وخصاصة على التشبيه، كما سمي انثلاماً واختلالا وشعباً، وخصصت فلاناً وخصني أوليته خصاصي نحو خللته، وقولهم: وقفتهم على عجزي ونحري، وخُصان الرجل خلانه، ثم جعل الخاص مقابلاً للعام في التعارف، وسبب نزول هذه الآية أن جماعة من اليهود كانوا يظهرون مودة المسلمين، ويزعمون أنهم يودون لهم الخير، فأكذبهم الله تعالى في ذلك، ونفي ما أدعوه وكان المسلمون يوالونهم ويركنون إليهم، فأكذبهم الله تعالي في ذلك [ونفى ما ادعوه] ونهاهم تعريضاً عن موادتهم، كما قال:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ}
إن قيل: فلم قال: " ولا المشركين " وذلك يقتضي أن المشركين ضربان، كافر، وغير كافر كما أن أهل الكتاب ضربان؟ قيل: إن " من " في قوله (ومن أهل الكتاب) للتبيين {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ}، فإذا كان كذلك، فالذين كفروا هم أهل الكتاب، فجاز أن يقال:(ولا المشركين) عطفاً على لفظ أهل الكتاب، وجاز أن يقال (ولا