فالعقل بالجملة يقتضي تجنبه، ولكن لما " ذاك " غير صريح أكده بالآية الأخرى، ومن التخصيص الذي يعد نسخاً قوله تعالى:{وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} مع قوله تعالى: {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ}، وعلى هذا ما حكى أنه لما نزل قوله تعالى:{لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} شق ذلك على بعض أولي الضرر، فنزل قوله تعالى:{غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ} مقروناً بقوله تعالى: {الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ}، وهذا القدر يدل على كثير مما ذكروه من أمثال ذلك.
[(فصل في أنه هل في القرآن ما لا تعلم الأمة تأويله)]
اختلفوا في ذلك، فذهب عامة المتكلمين إلى أن كل القرآن يجب أن يكون معلوماً، وإلا أدى إلى بطلان فائدة الانتفاع به وأن لا معنى لإنزاله، وحملوا قوله تعالى:{وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} على أنه عطف على قوله تعالى: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ} وجعلوا قوله تعالى: {يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ} في موضع الحال كما قال: