الفرقُ، والفلقُ، لكن الفلق لا يكون إلا بين جسمين، والفرق: قد يكون في الأجسام والمعاني، وفي هذه القصة قد جاء اللفظان، قال تعالى:{فَانْفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ} أي كل قطعة من الماء، والفرقان: كل كتاب يفرق بين الأحكام، وسمي عمر - رضي الله تعالى عنه - فاروقاً لأجل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قضي ليهودي على منافق، فأتى عمر وقال " إن محمداً قضى بيني وبين هذا، ولست أرضي قضاءه فاقض بيننا "، فقال: أو رضيت قضائي؟ قال: نعم، فدخل داره، وأخرج السيف وحز رأسه، فنزل جبرائيل - عليه السلام - وقال:(إن عمر قد سمي في السماء فاروقاً).
والبحر: استعير للسعة، فقيل: بحرت مذا أي: " وسعته كسعته "، وقيل بحرت الناقة: أي: شققت أذنها شقاً واسعاً، والباحر: الأحمق الموسع عليه من جهة رفع العقل عنه، وكأنه اعتبر في تسميته بلذك مقابلة العاقل، فقد جعل أسماء العقل كلها معتبراً فيه الضيق، والشدة، والفرق، والرسوب في المآثم شبه به غيره حتى قيل: غرق فلان في النعمة، وغرقه من اللبن أي مليء قدح، وأغرق في الشيء إذا تناهي والنظر نظران، نظر بصر، وبه يدرك المحسوسات ونظر بصيرة، وبه يدرك المعقولات، ونظر البصر كالخادم لنظر البصيرة فإن كان كلاهما سبيلاً إلى المعرفة، والنظير أصله للمناظر، كأنه ينظر كل واحد من الناظرين إلى صاحبه في المشاكله، وناظرته: باريته في النظر، وأنظرته: تركته ينظر فيطلب، ومعنى الآية ما ذكره في قوله {فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى} الآية، وفي قوله: فَاضْرِبْ لَهُمْ طَرِيقًا فِي الْبَحْرِ يَبَسًا}، وفي قوله تعالى:{فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ}، وقوله:{وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ} لما كان النظر متردداً بين المحسوس الذي منه