للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إن قيل: بذل النفس كيف يصح أن يقال له قرض؟

قيل: استعمال ذلك فيه كاستعمال الجود، وقد قال أبو الدرداء " أقرض من عرضك ليوم فقرك " وفي قوله: {حُسْنًا} إشارة إلى كل ما يصون الإفضال عما يشينه من منة ومراءاة وغير ذلك وقوله {يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ} قيل: " يسلب تارة، ويعطي تارة "، ونحوه نظر من قال: فكيف يوفيه وثانية هاديه، وقيل: يسلب قوماً ويعطي قوماً، ونحوه نظر الشاعر في قوله:

ويسلب قوما ويثري آخرين ..

.

به الله من ذا يستعمر وباري

وقيل: يقتر ويوسع، وقيل: يقبض الصدقات ويخلف البدل مبسوطاً أن كثيراً، وقيل: يضيق صدور قوم ويشرح صدور آخرين، كقوله: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ وَمَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقًا حَرَجًا}، وقوله: {وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} وقد تقدم الكلام فيه، وذكره ها هنا توعد ..

قوله - عز وجل:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى إِذْ قَالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنَا مَلِكًا نُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ قَالَ هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا فَلَمَّا كُتِبَ عَلَيْهِمُ الْقِتَالُ تَوَلَّوْا إِلَّا قَلِيلًا مِنْهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} الآية: (٢٤٦) - سورة البقرة.

قوله عز وجل:

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الْمَلَإِ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ} إلى الملأ جماعة شريفة، وذلك اعتبار بالامتلاء كأنهم يملون العين رواء ومنه قيل: شاب مالئ العين، ومالأته: عافيته: أي صرت من ملائه أي جمعه، كقولك: شايعته أي: صرت من شيعته، وفلان ملئ بكذا من الامتلاء، وعلى الوفاء، وهو تمام العهد، واشتقاق

<<  <  ج: ص:  >  >>